أريان دولاكامباني صور

السيرة الذاتية

ولدت أريان دولاكامباني في بيروت لأبوين من أصل أرمني وتلقت علومها في العاصمة اللبنانية.

وغادرت لبنان خلال الحرب الأهلية في الثمانينيات فانتقلت إلى نيويورك حيث ارتادت المركز الدولي للتصوير الفوتوغرافي ودرست فيه. وبسرعة، جذبتها الحيوية التي تنضح بها الحياة اليومية فبدأت تهتم بالتصوير الفوتوغرافي في الشوارع وراحت تجوب مدن العالم لتصويرها مستلهمةً أعمال غاري وينوغراند ولي فريدلاندر وويليام إغلستون، فزارت طوكيو وشنغهاي وبيجينغ وهانوي ويانغون ولوانغ برابانغ وفاس والقاهرة، من بين مدن أخرى.

وفي معرض اهتمامها بالفلامنكو وحماسها الشديد له، كُلّفت في عام ۲۰۰٤ بإعداد مجموعة من الصور عن هذا الفن الذي تعشقه لما فيه من عزوف عن التنازل والتساهل. وسافرت إلى فرنسا وإسبانيا واليابان لتصوير محترفي هذا الرقص وهُواته في لحظات إبداعهم الصافية وفي انفعالاتهم المتفجرة حزناً وفرحاً، ولاستكشاف الفلامنكو كحالة ذهنية وكنافذة نطل منها على الحياة، في محاولة لاكتناه جوهره وأصله وحقيقته وغايته وعلاماته المميِّزة.

اهتمامها بأصولها الأرمنية قاد خطاها من جديد إلى لبنان حيث بدأت في الآونة الأخيرة بتصوير سكان برج حمود، وهي منطقة تقع شمال شرق العاصمة بيروت وتقطنها أغلبية أرمنية، كانت في بداياتها مخيما للاجئين وأصبحت اليوم واحدة من أكثر المناطق اللبنانية ازدهارا على الصعيدين الاقتصادي والصناعي. وكان الأرمن قد بدأوا يغادرون لبنان مع اندلاع الحرب الأهلية في عام ١٩٧٥ بحثا عن فرص أفضل في أماكن أخرى. ومع الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، تسارعت حركة الهجرة هذه التي تعكس انحسار أعداد الأقليات المتبقية في الشرق الأوسط.

تستخدم أريان دولاكامباني آلة تصوير كلاسيكية وأفلاما بالأبيض والأسود أو بالألوان؛ وقد أقامت معارض في فرنسا وإسبانيا ولبنان والمغرب، وفي نيويورك.

الفلامنكو
كُلّفت أريان دولاكامباني بإعداد مجموعة من الصور عن الفلامنكو لإقامة معرض في جنوب فرنسا، فبدأت بتصوير هواة يتلقون دروسا في هذا الفن في’’ ستوديو فاضل للرقص‘‘ في نيويورك، الذي تدرّب فيه ذات مرة عمالقة مثل فريد أستير أو جيم كاغني أو غريغوري هاينـز، والذي بات اليوم في ذمة النسيان. وتابعت عملها في مهرجانات الرقص في جنوب فرنسا حيث التقطت صورا لنجوم من أمثال فارّوكو وبيلين مايا ومرسيدس رويز.

وأثناء وجودها في جنوب فرنسا، صوّرت أيضا حُجاج سانت ماري دو لا مير، التي تعدّ أحد أكبر التجمعات الدينية للغجر في أوروبا وموطن عبادة لشفيعتهم سارة. وهذا التجمع الديني مناسبة كثيرا ما تتناوب فيها المظاهر الدينية مع انفجارات الفرح والرقص والغناء العف ويين حتى ساعة متأخرة من الليل.

وفي إسبانيا، التطقت صورا للراقصين والراقصات في استوديو مدريد الأسطوري ’’مادري دي ديوس‘‘، وللفنانين في المهرجانات المحلية في كل من إشبيلية وخيريس وقادش. وفي غضون ذلك، اكتشفت الفلامنكو باعتباره طريقةً في الحياة. ونشرت مؤخرا حصيلة أسفارها في ألبوم بعنوا ن Duende, Visages et Voix du Flamenco (الفلامنكو وجوهاً وأصواتاً) كتب نصه ملقياً عليه الضوء كريستيان دولاكامباني وصدر في فرنسا عن دار لاراكانج مينوتور للنشر في عام ۲۰۰٧.

الأرمن
يشكل الأرمن واحدة من الطوائف الدينية الثماني عشرة المعترف بها في لبنان، الذي يقوم نظامه السياسي على تقاسم السلطة بين مختلف الطوائف. وبعد محاولة الإبادة الجماعية التي تعرّض لها الأرمن في تركيا على يد الحكام العثمانيين في عام ١٩١٥، فرّ من بقي منهم على قيد الحياة أو طُردوا فتوجهوا جنوباً إلى سورية أولا ثم إلى لبنان بعد عام ١٩۲۰. وفي لبنان، استقروا في منطقة مستنقعات شمال شرق بيروت لا تزيد مساحتها على ثلاثة كيلومترات مربعة وتدعى برج حمود، مقيمين في أكواخ وخيام للاجئين. وهناك شرعوا في تنظيم أنفسهم من جديد في ما يشبه المجتمع المحلي، وشيئا فشيئا حوّلوا المنطقة إلى مدينة حضرية في الثلاثينيات. وشيّد أولئك الذين كتبت لهم النجاة من الإبادة الجماعية مباني لا تقل عن طابقين ولا تزيد على أربعة ومنازل متواضعة أقاموا في طوابقها الأرضية متاجر ومحلات للحرفيين. وبدأت الكنائس في الظهور وكذلك المدارس الأرمنية، وأنشئت مرافق للخدمات الصحية والاجتماعية بتمويل من أرمن الشتات، لمساعدة المسنين أو أحفاد أولئك الذين لم يتمكنوا من الفرار إلا بالتخلي عن جميع ممتلكاتهم.

وتمكّن الأرمن من الاندماج في المجتمع اللبناني ومن المحافظة، في الوقت نفسه، على لغتهم كأداة أساسية وطبيعية للتواصل فيما بينهم. وأسهم وجود المنظمات الوطنية والثقافية المتعددة، والمؤسسات التعليمية، والصحافة باللغة الأرمنية، في شيوع بيئة أرمنية متميزة في منطقة برج حمود التي تقطنها أغلبية أرمنية وحيث تجاور علامات المتاجر المكتوبة باللغة الأرمنية تلك المكتوبة باللغة العربية أو الفرنسية أو الإنكليزية. ويتسم هذا الحي بقدر هائل من الحيوية وبكثير من الأصالة ويعجّ بالحركة والنشاط. إلا أن الاضطرابات التي يشهدها لبنان والمنطقة بدأت تدفع سكان هذا الحي إلى مغادرة البلد شيئا فشيئا، سعيا وراء فرص أفضل في أماكن أخرى.

وما فتئت آريان دولاكامباني تلتقط صورا لأرمن برج حمود منذ عدة سنوات، في بيوتهم ومحلاتهم الحرفية ومصانعهم، وفي بيئتهم العائلية وخلال أنشطتهم الثقافية، وكذلك في مخيم سنجق الذي بات في خبر كان بعد أن استولى عليه أصحاب المشاريع العقارية ودمّروا القسم الأكبر منه.

الحياة اليومية في الشارع
منذ عدة سنوات، تصوّر أريان دولاكامباني الناس في شوارع جنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. ووراء التدافع والصخب، يستهويها ما يتركّز في تلك الشوارع من طاقة وما ينضح من أصالة تجعلها، على الدوام، مسرحا حيا لا مكان فيه للغرور ولا للسطحية.